واضربوهن!

سؤال بريء ..من منا ضرب زوجته؟ أو أراد أن يضربها أو كاد أن يضربها، ولكنه استحى من أولاده؟

وقد يقول قائل: وأين أنت من قول الله تعالى: (واضربوهن)؟!

وجوابه: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)؟!

new-dhrb2014ولنقرأ الآية التي جاء فيها الضرب من بدايتها ولا نجتزئ ما نرغب فيه، يقول الله تعالى(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا).

لم يقل الله الذكور قوامون على النساء، بل قال الرجال لأن هناك فرق بين الرجال والذكور، فكل رجل ذكر وليس كل ذكر رجل..

ووالله لا تشقى امرأة عاشت مع رجل حقيقي! فالرجل هو صاحب الكلمة الطيبة والذي لا يدقق في الكلمة المارة وهو صاحب الحكمة والرفق والنبل والصدق والمروءة والرحمة والنجدة والحزم الذي لا تسلط فيه، وقبل ذلك هو الذي لا يسمح بتخطي الدين في بيته.

لذلك أثنى الله على الرجال فقال: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله..) وقال سبحانه: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..)

و(الرجال قوامون على النساء) أي : الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت (بما فضل الله بعضهم على بعض) والتفضيل هنا تفضيل رئاسة وتحمل مسؤولية يفضل فيها الرجل على المرأة، لهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم; لقوله صلى الله عليه وسلم : “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ” [البخاري] وكذا منصب القضاء وغير ذلك.

جاء في تفسير ابن كثير(وبما أنفقوا من أموالهم) أي : “من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، وله الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن يكون قيما عليها”

(وللرجال عليهن درجة) لم يقل درجات بل قال درجة لما أسند إليه من مسؤوليات!

عن ابن عباس : (الرجال قوامون على النساء) يعني : “أمراء عليها، أي تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، وطاعته : أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله”.

فإن كنت رجل بحق وكنت قيم على بيتك بحق وكنت تفضل بمسؤوليتك بحق وكنت قادر على أن تنفق بما يرضي الله فاعلم أن النساء صنفان (فالصالحات) أي: من النساء (قانتات) قال ابن عباس وغير واحد : يعني مطيعات لأزواجهن (حافظات للغيب) وقال السدي وغيره : “أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله ….” فهي تحفظك في السوق وفي الهاتف لجميع أسرارك..

وقوله : (بما حفظ الله) أي : المحفوظ من حفظه .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك” . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : (الرجال قوامون على النساء) إلى آخرها .

ثم يحدثنا رسول الله عن منزلة ليس لها مثيل للمرأة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها وحفظت فرجها; وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت” .

وقوله تعالى (واللاتي تخافون نشوزهن) أي : والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن .

والنشوز : هو الارتفاع ، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها ، التاركة لأمره ، المعرضة عنه ، المبغضة له. فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته ، وحرم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها ” [البخاري] ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه ، لعنتها الملائكة حتى تصبح” [مسلم]; ولهذا قال تعالى : (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن) وتكون الموعظة بعد أن لاحظت عليها الترفع إما لمالها أو جاهها أو جمالها وبذلت لها سخاء المال من دون إسراف وسخاء الحب لها ولمن تحب من أهلها وسخاء الحب لأمها ولأبيها، إن بذلت كل ذلك وما زالت المرأة في علوها وكبرها ولم يفد الوعظ بشتى صوره، فخير وسيلة لتحريك المشاعر هي الهجران.

وقوله : (واهجروهن في المضاجع) عن ابن عباس : “الهجران هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها ويوليها”.

وهذا لا يعني أن لا تكون معه في الغرفة، أو يذهب هو في مكان وتذهب هي عند أهلها ويتدخل الأهل وتزداد المشكلة كلا بل لابد أن تحل المشكلة في داخل الغرفة الزوجية.

يقول ابن عباس : “يعظها ، فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها”.

عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال : يا رسول الله ، ما حق امرأة أحدنا ؟ قال : “أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ، ولا تهجر إلا في البيت” [السنن].

إذا لم يفد كل ذلك بعد أن اكتملت فيك كل صفات الرجولة وكل صفات القوامة وأخذت مسؤولية أمانة التفضيل بحقها وكنت سخيا بحبك ومالك لها ووعظت وكررت الموعظة وطبقت قاعدة الهجر بالشكل الصحيح والسليم وما زالت هي في ارتفاعها وكبرها هنا يأتي:

(واضربوهن) أي : إذا لم يرتدعن بعد كل ذلك فلكم أن تضربوهن ضربا غير مبرح ، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال في حجة الوداع : “واتقوا الله في النساء ، فإنهن عندكم عوان ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف” .

وكذا قال ابن عباس وغير واحد : “ضربا غير مبرح” . قال الحسن البصري : “يعني غير مؤثر”.

وعن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا تضربوا إماء الله” . فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ذئرت النساء على أزواجهن . فرخص في ضربهن ، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لقد أطاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ، ليس أولئك بخياركم” [أبو داود والنسائي وابن ماجه].

وقوله : (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) أي : فإذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريد منها ، مما أباحه الله له منها ، فلا سبيل له عليها بعد ذلك ، وليس له ضربها ولا هجرانها .

وقوله : (إن الله كان عليا كبيرا) تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله العلي الكبير وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن .

وصية للنساء.. لا تخربوا بيوتكن بأيديكن لا تخرجن أسرار بيوتكن، لا تثقن في كل صديقة.. ليس من البطولة المسارعة لنداء الآباء أو الأمهات أوالأهل لحل المشكلات!!

احذرن الكبر والارتفاع بالمال أو بالجاه أو بالجمال، فالغرور مهلكة للمرء أي: مهلكة خراب للدور والنفوس وتشتيت للأطفال فكل من كانوا في صفك، فلن تجدي لهم أثر بعد طلاقك..

وصية للرجال ..إن التنازل والقبول والسماح بوجود ما يغضب الله في منازلكم من معاصٍ وآثام هو الحد الذي يجعل المرأة لا تقّدر للرجل قدره!

فخذوا المسؤولية والرجولة والقوامة بحقها (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة …)

لا عنف في ديننا، ولا سوء أدب، ولا شطط فأحسنوا إن الله يحب المحسنين..

وصية للآباء والأمهات..إذا آتى الابن شاكيا أو البنت شاكية، فلا تتسرعوا في التدخل لحل المشكلة، أو تسارعوا بالحكم على الآخر!، واحذروا من الميل العاطفي للأولاد ..

أخيراً ..الأصل في حياة الزوجين المودة والرحمة، والحذر كل الحذر من الذهاب للفروع ونسيان هذا الأصل.. وحياة الزوجين آية من آيات الله: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) لذا لزم لها دوما التريث والتفكر: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)..

محبكم / خالد حسن عبد الكافي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإحسان

نصرة المظلوم