الهمة العالية

الحمد لله رب العالمين، خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً، وخلق العباد فلم يتركهم هملاً، بل يبن لهم طريق الخير وطريق الشر وأرسل إليهم رسلاً، ووفق من شاء للعمل الصالح إذا علم منه صدق النيه وحب الخير، وحرم من أعرض عن ذكره وتكبر عن طاعته واشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، لاخير إلا دل أمته عليه ولا شر إلا وحذرها منه صلي الله عليه وعلى أله وأصحابه والذين أتبعوهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله .عباد الله إن الله جل شأنه خلق الخلق وقدر فهدى، فكان من تقديره تعالى أن قسم لهم حظوظهم من الدين والعقل والغنى والجمال و وكان بمالا قسمه الله سبحانه وقدره على كل إنسان حظه من الهمه و الارادة.

والبشر يتفاوتون تفاوتاً عظيماً في هذا الامر فمنهم من تعلو همته حتى يكاد يبلغ حدود الكمال، ومنهم من تسفل به همته حتى يصبح حاله أسوأ من الدواب.

أحبتي في الله: عندما يسير كائن لايشكل ذرة هي هذا المكان ويعمل من دون تعب سريع الحركة، عظيم الصبر، يبني بيته بنفسه ويجمع طعامه بنفسه شعاره لا ياس مع الحياة إن تهدم بيته أسطتاع أن يعيده مرات ومرات، لايحب أن ينظر إلى الخلف، وإن احتاج تحرك بجسمه كله لينظر ما الأمر يعمل النمل كفريق واحد، العض يعمل في الفلاحة وأخر يعمل رعاية الحدائق ومنهم من يعمل في البناء ومنهم من يعمل في الحفر ومنهم من يهتم بجمع القمامة ورعاية الموتى صاحب همة عالية.

إن النمل الذي تحول إلى جنود في الصفوف الجيش ولك أن تتبتسم كما تبسم سليمان علية السلام من النملة القائدة الواعية التى نادت جموع النمل ثم أمرت جموع النمل ثم أوضحت ما السبب الامر الذي أمرت به قالت ((أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون ))

يامن يرى مد البعوض جناحها  ***  في ظلمة الليل البهيم الأليل ويرى مناط عقولها في نحرهـــا  *** والمخ في تلك العظام النحل

أسن علي بتوبة تمحوبهــــــــا   ***  ما كان مني في الزمان الأول

أيها الاخوة في الله: سافر أحد الأعراب على قدميه إلى بلاد ذات مسافات طويلة جعلته يسير في النهار والليل، فما إن استكمل تلك الأيام المقطوعة من العذاب حتى إستصعب العودة، فإذا به ينظر إلى صخرة وعلى تلك الصخرة نملة تحاول هذه النملة الصعود فلا تستطيع ولكن لم تيأس فاخدت تحاول هذة النملة محاولات بالأيام والليالي لتصعد على هذه الصخرة، ويذهب هذا الإعرابي ويعود وإذا به يجد هذه النملة تحاول الصعود لفترة طويلة حتى استطاعت أن تصل فما كان من هذا الاعرابي إلا أن يقول نملة تستهل الصعاب وأنا أفكر أأعوذ إلى مسكني أم لا .

أيها الأخوة في الله : النمل يعمل بجدٍ وتفانٍ في الصيف وليس في فترة وجيزة من الصيف بل في كل الصيف… ونحن مازلنا نفكر كيف نستفيد من أوقاتنا في فترة الصيف.

أخي الحبيب: لقد أنهى طلاب الدورة القرأنية الأسبوع الماضي من الحفظ ما يقارب جزئين ونصف غير المراجعة فقلي بالله عليك ماذا أنهيت أنت ؟

يقول إبن القيم رحمه الله تعالى واصفاً الهمة: (علو الهمة ألا تقف (أي النفس) دون الله ولا تتعوض عنه بشئ سواه ؛ ولا ترض بغيرة بدلأ منه، ولا تبيع حظها من الله وقببه ولا نس به والفرح والسرور ولابتهاج به بشئ من الحظوظ الخسيسة الفانية). ياقوم: إن من الناس من يطلب المعالي بلسانه وليس له همه في الوصول إليها وهذا متمن مغرور.

وما نيل المطالب بالتمني  ***  ولكن تؤخد الدنيا غلابا

وإن من أعظم الامور مغلبه النفس لتصبح ذات همه عالية . ومن الناس من لايطيب إلا سفاسف الأمور عنده.ا ومن هو ذو همه عالية في تحصيل تلك فتجدة في سباق إلى أماكن اللهو والمغاني والغواني ؛ وهذا إن اهتدى يكون سباقاً إلى المعلى ذا همه عالية ((خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إن فقهوا)) يقول الشيخ عبد القادرالجيلاني لغلامه: ( يا غلام : لأيكن همك ما تأكل وما تشرب وما تلبس وما تنكح وما تسكن ؛ وما تجمع كل هذا هم النفس والطبع فأين هم القلب ؟؟؟ همك ما أهمك فليكن همك ربك عز وجل وما عنده).

 على قدر أهل العزم تأتي العزائم  ***  وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها  ***  وتصفر في عين العظيم العظائم

 أمه الإسلام : إن الإنسان يسعى ويكابد في هذه الحياة ولكن أين استغلال الأوقات وأين عباده  الله وأين حظه من الآخرة .هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه على فراش الموت يذكراموراً تدل على علو همته في العبادة والزهد فروى عنه أنه قال: ( اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لاطول المكاسب منها، ولا لجري الانهار ولا لغرس الاشجار ولكن كنت أحب البقاء لمكابدة الليل الطويل ولظمأ الهواجر في الحر الشديد ومزاحمه العلماء بالركب في لحق الذكر. وهذا الإمام مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة قد روى عنه الإمام ابن القاسم هذه الحادثة : (كنت أتي مالكا فأسأله عن مسألتين أو ثلاثة أو أربعة وكنت أجد منه أنشراح الصدر فنكت أتي كل سحر فغلبني النوم في عتبة بابه بوماً فنمت وخرج مالك إلى المسجد فلم أشعر به فركضتني سوداء له برجلها فقالت لى : إن مولاك لا يفعل كما تفعل أنت اليوم له تسع وأربعون سنه ما صلى الصبح إلا بوضوء العشاء الله وأكبر همته عالية لا تعرف الكلل همته لاتعرف إلا لاعطاءوالبذل والتضحية).

 

محبكم / خالد حسن عبد الكافي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نصرة المظلوم

الإحسان