إيذاء الناس

أوليس لأهمية يوصينا الله بها؟..

ولأولوية قد نغفل عنها فيذكرنا الله بها؟..

عندما يقدم الله القول للبشرية وليس للمسلمين فقط على الصلاة والزكاة ماذا عسانا أن نفهم من قوله: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ..

هنا يقدم الله عز وجل القول الحسن على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة!

يقول الشيخ السعدي رحمه الله في ذلك: “ولما كان الإنسانُ لا يسعُ الناسَ بماله، أُمر بأمر يقدرُ به على الإحسان إلى كل مخلوق، وهو الإحسان بالقول، فيكون في ضمن ذلك النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار، ولهذا قال تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).

ومن أدب الإنسانِ الذي أدب الله به عباده، أن يكون الإنسانُ نزيها في أقواله وأفعاله، غير فاحش ولا بذيء، ولا شاتم، ولا مخاصم، بل يكون حسن الخلق، واسع الحلم، مجاملا لكل أحد، صبورا على ما يناله من أذى الخلق، امتثالا لأمر الله، ورجاء لثوابه.

ثم أمرهم بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد..” [انتهى كلامه رحمه الله تعالى].

ويقول الله سبحانه في آية أخرى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَىالْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا..).

وهنا يقدم الله الشدة على الكفار المعادين والرحمة بين المسلمين على ركعا سجدا.

وها هو ذا نبينا صل الله عليه وسلم يدهشنا بهذا الحديث، عن أبي هريرة قال : (قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال : هي في النار. قال : يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وصدقتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها. قال: هي في الجنة) [أخرجه أحمد].

يا قوم.. متى نفهم ديننا الفهم الصحيح؟ ونستوعب جيدا أن أذى الإنسان شر حذرنا الله ورسول منه شر تحذير..

إسلامنا راعى حتى إيذاء المشاعر والأحاسيس، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يتناج اثنان دون واحد فإن ذلك يؤذي المؤمن والله عز وجل يكره أذى المؤمن) [رواه الترمذي].

قال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا).

إسلامنا راعى حتى تخطي الرقاب يوم الجمعة واعتبره من الأذى، عن عبد الله بن بٌسر رضي الله عنه : جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اجلس فقد آذيت).

إسلامنا راعى حتى ما يأكل المسلم قبل دخوله المسجد حتى لا يقع في الأذى، قال صلى الله عليه وسلم: (من أكل من هذه الشجرة المنتنة ـ البصل والثوم ـ فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الأنس).

إسلامنا راعى حتى رمي المخلفات واعتبرها من الأذى الكبير، ولو كانت نخاعة تكون في المسجد!

عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (عرضت علي أعمال أمتي ،حسنها وسيئها ،فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق،ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن).

وفي المقابل جزاء من قام بفعل يسير جدا لدفع إيذاء عن المسلمين ما جزاءه؟

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة) الجزاء دخول الجنة بسبب فقط إماطة أذى يسير عن الطريق!

وعندما سئل رسولنا صلى الله عليه وسلم عن أي الإسلام أفضل ماذا قال؟

عن أبي موسى الأشعري قال : قلنا يا رسول الله : أي الإسلام أفضل ؟ قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده) [متفق عليه].

ومن أراد أن يمس إيمانه وعقيدته بالسوء والعياذ بالله ولا يفعل ذلك إلا من آمن بلسانه ولم يلج الإيمان في قلبه، ذلك الذي لا يعبأ في الإيذاء أو التعيير أو تتبع العورات وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفضِ الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله). [رواه الترمذي].

ومن ذاك حال بعض الشباب حين يسير بسيارته مسرعا ليلهب حماس الأصحاب والأحباب حتى ولو كان على حساب الجيران.. هل فهم هذا الدين وفهم عقوبة الإيذاء ؟

عندما يسير الشاب أو الفتاة في الحي بالكلب الذي يروع المارة والذي يتأذى منه المشاة.. هل فهم هذا الدين؟

وقبل الأذى أين هم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ) [رواه البخاري].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ) [رواه مسلم].

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة) [متفق عليه].

أين دور الأب ودور الأم لذلك الولد على قبح وشناعة تربية الكلاب؟

أين دور الأب ودور الأم لذلك الولد على قبح وشناعة التفحيط في الشوارع والأحياء؟

من المسؤول عن هذا الإيذاء ؟

الإيذاء سبب في سخط الله عز وجل على العبد.. الإيذاء يمقته الله ويمقته الناس .. الإيذاء يفسد الأحوال ويعرض الأمة للزوال بسبب سكوتهم على الباطل .. الإيذاء يسبب العداوة والبغضاء بين المسلمين.. الإيذاء دليل سوء الأخلاق وانحطاط النفس وخبثها..

إيذاء المسلمين ورد فيه وعيد شديد وعقوبة أخروية قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِينا).

بل هناك تحذير شديد من رسولنا صلى الله عليه وسلم بشأن الجلوس في الطرقات لما يترتب على ذلك من كثرة المفاسد، ومن لم يجد المكان البديل فهناك شروط لابد أن يلتزم بها المسلم عند الجلوس:

عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا : يا رسول الله مالنا بد من مجالسنا نتحدث فيها فقال: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا : وما حقه قال : غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) [متفق عليه].

 

محبكم / خالد حسن عبد الكافي 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نصرة المظلوم

الإحسان